مقالة فلسفية بعنوان هل للإرادة دور في بناء الشخصية؟

1-مقدمة

إذا كان من السهل في عالم المنطق أن ننسب الأفراد إلى النوع الإنساني فإنه من الناحية الواقعية يظهر التفاوت في عالم الأشخاص أكثر من التماثل والبعض يطمح إلى رسم صورة بنفسه والبعض يحتج بالظروف المحيطة به لحل هفواته وبين هذا وذاك تنشأ إشكالية تكوين الشخصية والحقيقة أنم الطريقة التي تنمو وتتكون من خلالها الشخصية طرحت أكثر من استفهام والإشكالية التي تعبر عن ذلك هل يستطيع الفرد أن يكون نموذج الذي يريد؟ أو هل للإرادة دخل في تكوين الشخصية؟

2- التوسيع:

الرأي الأول:

ذهب أنصار الرأي الأول إلى اعتبار الإرادة هي العامل الأساسي والحاسم لبناء الشخصية، إن الإنسان في نظرهم يستطيع أن يكون النموذج الذي يريد فالمعالم الكبرى للشخصية سواء تتعلق بالأمر وبالمظهر أو بالجوهر هي وليدة الفعل الإرادي، فالإنسان يتصور ويحدد الصفات التي يرغب فيها ولا عجب في ذلك فالفيلسوف اليوناني سقراط اعتبر معرفة النفس مقدمة ضرورية لإصلاحها فقال:" اعرف نفسك بنفسك" وفي نفس السياق دافعت المعتزلة عن حرية الاختيار واعتبرت الأفعال الاختيارية هي من صميم الحرية ومن ثم يحاسب الإنسان لان له كامل الإختيار في أن يصنع شخصيته بإرادته والواقع أنه لا يمكن أن يكسب شخصية إلا إذا استقل عن الآخرين دافع عن هذا الرأي الفيلسوف الفرنسي ذو النزعة الوجودية جون بول سارتل صاحب المقولة الشهيرة " الوجود سيق الماهية" إن الإنسان في نظر سارتل أولا هو صاحب المشروع وكل فرد أوله حر في اختيار المشروع الذي يريد والذي يعبر عنه من خلال شخصية التي يعمل على اكتسابها. ثانيا يجب أن يتحمل نتائج اختياره ويعقد زعيم المدرسة السلوكية واطسن" أن الإنسان يستطيع أن يصنع شخصيته بنفسه أو بمساعدة الآخرين" ضمن شعار هذه الأطروحة أن كل فرد ينحت من نفسه تمثال الذي يريد.

نقد:

إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية الواقع فإن الحتميات تحيط بالإنسان من كل جانب ولا يمكن للشخصية أن تتطور بمنعزل عن هذه الحتميات.

الرأي الثاني:

يرى انصار الرأي الثاني أنه لا دخل للإرادة في تكوين الشخصية فالإنســـان لا يستطيع أن يكون إلا النموذج الذي ولد به ففي نظر أنصار هذا الرأي أن الشخصية تتحكم معطيات الوراثة والطبع والغدد فهي بهذا المعلم معطى أولي حيث يرث الإنسان مجمل الخصائص الجسمية والنفسية فالصبغيات وهي كائنات خيطية توجد في نواة الخلية وتحمل مورثات وهذه الأخيرة هي التي تحدد معالم الشخصية والواقع أن هذه الأفكار تعود بجذورها إلى مندل ومورغان، إن تأثيره فهو تأثير عظيم فقد أكد الفرنسي لوسين في كتابه علم الطباع أن طبيعة الشخصية تتغير حسب تفاعل مقومات الطبع فالإنفعالي له شخصية تختلف عن صاحب الطبع الفعال ولهذا عرف الطبع بقوله هو مجموعة من الاستعدادات الفطرية والموروثة والنفسية والتي تؤثر في الهيكل ذهني للفرد ومن المقولات الشائعة والتي تدل على غياب تدخل الإرادة في تكوين الشخصية قول أحدهم:" نحن تحت رحمة غددنا الصماء ويتضح تأثير الغدد كما هو الحال في الغدد الدرقية من خلال إفراز مادة الدرقين والتركسين وكذلك الغدة النخامية.

نقد:

إذا كان من الناحية العلمية الغدد والطبع يؤثران في الشخصية فإنه من المبالغة القول بأن الشخصية لا يمكن أن تتطور في حدود هذه الحتميات ذلك أن الإنسان ذو عقل وصاحب إرادة بإمكانه التحرر من الحتميات المختلفة.

التركيب:

إن تفكيك الرأي الأول ي( اتقي الله )نا إلى اكتشاف الطابع المثالي بهذه الأطروحة ففي البيان أن كل ما يتمناه المرء يدركه والحياة لا يمكن أن تكون وفق التصور الذي يريد وفي مقابل هذا نكتشف التركيز على دور الحتميات سيفتح الباب أمام النزعة الإنتهازية وسينجح كل واحد منا للحتمية وكأنه لا يستطيع أن يحدد لنفسه ما يريد حيث قال إلبرت:" ليست معطى تام وإنما التكوين يبدأ الفرد بتكوينه منذ الولادة هذا يعني أن لكل فرد شخصية قاعدية تشبه الأساس إلى بلا أعمدة وإنه لكل فرد الحق في بناء الشكل الذي يريده فالقاعدة واحدة والشكل يختلف وهذا الذي يفسر لنا تشابه الأفراد في بعض الجوانب واختلافهم في البعض الآخر.

خاتمة:

الشخصية هي ذلك الكل المركب المتفاعل من الجوانب العضوية والنفسية والإجتماعية المكتسبة بالنظر إلى الأطروحة المدافعة عن العقل والإرادة وبالقياس إلى ما تم اعتراضه من خلال السياق الجدلي من مقالنا هذا نستنتج أن الإرادة تتدخل في تكوين الشخصية في حدود معطيات الطبع والوراثة وأن الإنسان يستطيع أن يكون من نفسه نموذجا الذي يريده في حدود الفهم العلمي والفلسفي فإذا أحسن الفهم وأتقن البناء كون من نفسه ما يريد.

merci

شكرا للمرور العطر

شكرااااااااااااااااااااااااااا اسماء على المقالة فلقد كنت ابحث عن درس العادة و الارادة

merci ma soeur bla meziya
welcome